مسلسل صراع العروش ومكافحة التطرف

مسلسل صراع العروش ومكافحة التطرف https://ift.tt/EjNDicL

في 17 أبريل 2011م بدأ عرض مسلسل صراع العروش، كانت فكرة المسلسل جديدة على المشاهد نوعا ما، كما كان السيناريو المكتوب وتنفيذه أكثر من رائع، وفكرة المسلسل تقوم على الصراع بين الإنسان الحي وجيش الأموات المتولدين من الأحياء، وكأنه يريد أن يقول إن الإنسان يحصد ما يزرع، واستحضار الأموات في الأعمال الدرامية أصبح سائدا أو موضة درامية لكنها تعني أيضا الصراع مع التخلف والصراع مع المعجزات.

ومنذ أن كتب فوكو ياما كتاب "نهاية التاريخ " والدراما الأميركية حائرة في طبيعة العدو الذي يستحق أن يكون عدوا لها لهذا لم تعد شركات الإنتاج الأميركية تنتج الصراع بشكل تقليدي إلا قليلا، وأصبح الصراع غالبا مع "الزومبي" أو "الكائنات الفضائية" أو غير ذلك من صراع لا يمثل الواقع، وهذه الصورة هي الواجهة التي تعمل أميركا على تقديم نفسها من خلالها فهي لا تقهر وغير تقليدية وعليه فيجب أن يكون أعداؤها وخصومها من نمط خاص وغير تقليدي.

لهذا هم يقدمون الإرهاب والتطرف الإسلامي بصورة مبالغ فيها من حيث القوة والتنفيذ والعدوانية ومثلهم لا يستطيع أحد محاربتهم إلا أميركا، وكما نلاحظ أن أميركا تحاول أن تحتكر هذه الصفة والممارسة.

أتذكر حينما كنت مهووسا بالمجلات المصورة مثل سوبرمان والوطواط وطرزان وغيرها أن البطل الخارق سوبرمان كان يحارب مع الجيش الأميركي في فيتنام وكان يطلق على الفيتناميين اسم المتمردين، كما حارب رامبو في أفغانستان، كما حاربت رواية "صراع العروش" التطرف لأنه ضرب أميركا في 11سبتمبر 2001م، وكما هو معروف أن المجلد الأول من رواية صراع العروش قد صدر عام 1996م تحت عنوان "لعبة العروش"، وهكذا صدرت الرواية بأجزائها الثلاثة من غير أن تتطرق للتطرف الديني، وفي الجزء الرابع المسمى "وليمة الغربان" والذي صدر بعد أحداث سبتمبر في عام 2005م في هذا العام صدر الجزء الرابع من رواية "أغنية الجليد والنار " المعروف باسم وليمة الغربان في هذا الجزء وهو أضعف جزء في الرواية المسلسلة، حاول المؤلف أن يحاكم التطرف إلا أنه أوقع نفسه في التناقض الدرامي، وتفلت فكرة محاربة التطرف ولم يستطع الخلاص من فكرة التطرف إلا بهدم المعبد وبيد ملكة العرش الحديدي.

لقد كانت مبررات الثورة على خطايا البشر سطحية ولا توازي ما نفذ من قبل في حلقات المسلسل، فمن الواضح أن ما جاء في جزء وليمة الغربان كان ملفقا وغير منسجم مع مسار المسلسل سنشعر بذلك في الرواية وفي المسلسل.

في مسلسل بيت التنين الذي بث أواخر عام 2022م وهو جزء متصل منفصل بمسلسل صراع العروش وقد حدد رؤية العمل مبكرا جاء في التتر الأول ((لا شيء قادرا على تدمير "عائلة التنين" إلا أفرادها)، وهنا يحدد العمل الدرامي وجهته وكما قلنا إن أميركا تمر منذ فترة بأزمة وجود ومنافسة خصوصا أنها لم تعد وجدانيا الدولة الكبرى وشعر بذلك الشعب الأميركي.

وخصوصا بعد اقتحام مبنى الكونغرس في 6/1/2021م قبل هذه الأحداث أعلنت أميركا أنها لن تلجأ للحلول العسكرية المباشرة من قبلها وإنما سوف تستخدم الحرب الإعلامية والاقتصادية، هذا التوجه له تبعاته ومعارضوه وعليه فسوف نشعر بالإسقاطات التي تعالج الوحدة الوطنية بكثافة، وأتوقع أن ينعكس ذلك على الفنون الإبداعية الأخرى بطريقة أو بأخرى.

كلمة أخيرة

يجب أن نعترف أن ما قدم من أعمال درامية تهدف إلى معالجة مشكلة التطرف والإرهاب مازالت قليلة ودون المستوى إلا القليل جدا منها ولازلنا بحاجة إلى أعمال درامية تعالج التطرف والإرهاب، ولازلنا بحاجة إلى دعم وطني يساعد في إنتاج العمل الجيد المنافس، وأنا اظن أن إنتاج هذه النوعية من الأعمال مجزية ماديا ولها دور في التوجيه المعنوي والإرشاد.



إرسال تعليق

أحدث أقدم